أضافت ماجدة إلى كلام أمل ما قرأته عن حكم الاحتفال بأعياد اليهود والنصارى
فقالت : في مجتمع يملؤه الحب الصادق ويسوده الاحتساب في العلاقات الأسرية
إلى حد كبير ، بدأت تظهر عادات غريبة على فئة قليلة من فتياتنا المؤمنات ،
وذلك بتأثير بعض القنوات الفضائية ، وحيث أن بعض الناس أصيب بمرض التقليد
وخاصة لأولئك الذين تفوقوا صناعياً ، فإن حمى التبعية سرعان ما تنتشر لا
سيما في النساء قليلات الثقافة وذلك من علامات الانهزامية فيجدر بكل مثقفة
لها شخصية متميزة أن تنتبه له – أي التقليد – وأن لا تغتر بحضارتها .
حدث أبو واقد رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما خرج إلى
خيبر مر بشجرة للمشركين يقال لها ذات أنواط يعلقون عليها أسلحتهم فقالوا :
يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط فقال النبي صلى الله
عليه وسلم : (( سبحان الله ، هذا كما قال قوم موسى : اجعل لنا إلهاً كما
لهم آلهة ، والذي نفسي بيده لتركبن سنن من كان قبلكم )) [ أخرجه الترمذي
وقال حسن صحيح ] .
فحب التقليد وإن كان موجوداً في النفوس إلا أنه ممقوت شرعاً إذا كان المقلد
يخالفنا في اعتقاده وفكره خاصة فيما يكون التقليد فيه عقدياً أو تعبدياً
أو يكون شعاراً أو عادة ، ولما ضعف المسلمون في هذا الزمان ازدادت تبعيتهم
لأعدائهم ، وراجت كثير من المظاهر الغريبة سواء كانت أنماطاً استهلاكية أو
تصرفات سلوكية ، ومن هذه المظاهر الإهتمام بعيد الحب وهو إحياء للقسيس
فالنتاين الذي ذكرت لنا أمل قصته إذا اعتقد من يحتفل إحياء ذكرى فالنتاين
فهو لا شك في كفره ، وأما إذا لم يقصد فهو قد وقع في منكر عظيم . يقول ابن
القيم : ( وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالإتفاق ، مثل أن
يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول : عيد مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحو ،
فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات ، وهو بمنـزلة أن يهنئه
بسجوده للصليب ، بل إن ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب
الخمر وقتل النفس .. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح
ما فعل ، كمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أوكفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه )
أ.هـ.
قالت أمل : وما علاقة هذا بالولاء والبراء يا ماجدة ؟
أجابت ماجدة : لما كان من أصول اعتقاد السلف الصالح الولاء والبراء وجب
تحقيق هذا الأصل لكل من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله فيحب المؤمنين
ويبغض الكافرين ويعاديهم ويشنئهم ويخالفهم ويعلم أن في ذلك من المصلحة ما
لا يحصى كما أن في مشابهتهم من المفسدة أضعاف ذلك .
وبالإضافة إلى ذلك فإن مشابهة المسلمين لهم تشرح صدورهم ويدخل على قلوبهم
السرور ، كما أن مشابهة الكفار توجب المحبة والموالاة القلبية لأن التي
تحتفل بهذا العيد وترى مارغريت أو هيلاري يحتفلن بهذه المناسبة فلا شك أن
هذا يسبب نوع من الارتياح وقد قال الله عز وجل : (( يا أيها الذين آمنوا لا
تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه
منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين )) [ المائدة : 15 ] وقال سبحانه : ((
لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادُّون من حاد الله ورسوله )) [
المجادلة : 22 ] وقال تعالى : (( ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن
كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر )) [ النور : 2 ] ومن مساوئ مشابهتهم نشر
شعائرهم وجعلها هي الغالبة ، وبهذا تندثر السنة وتختلط بغيرها وما من بدعة
أحييت إلا وأميتت سنة . ومنها أن في مشابهتهم تكثير لسوادهم ونصرة لدينهم
واتباع له والمسلم يقرأ في كل ركعة (( اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين
أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين )) [ الفاتحة .. فكيف يسأل الله
أن يهديه صراط المؤمنين ويجنبه صراط المغضوب عليهم ولاالضالين ثم يسلك
سبيلهم مختاراً راضياً .
وقد تقول أختي الحبيبة إنها لا تشاركهم في معتقدهم وإنما يبث هذا اليوم في
أصحابه معاني الحب والبهجة خصوصاً ، وهذه غفلة وسطحية وقد تكلمت أمل عن أصل
هذا العيد ، وكيف أصبح مناسبة حتى للشاذين والشاذات لتبادل الورود في
الغرب ، فكيف ترضى المسلمة العفيفة الطاهرة أن تتساوى مع حثالات البشر ؟
والاحتفال بهذا العيد ليس شيئاً عادياً وأمراً عابراً ، ولكنه صورة من صور
استيراد القيم الغربية لطبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة ، ومعلوم أنهم لا
يعترفون بأي حدود تحمي المجتمع من ويلات التفلت الأخلاقي كما ينطق بذلك
واقعهم الاجتماعي المنهار اليوم . ولدينا من البدائل بحمد الله ما لا نحتاج
إلى الجري وراء هؤلاء وتقليدهم ، لدينا مثلاً المكانة العظيمة للأم
فنهديها من وقت لآخر ، وكذلك الأب والأخوة والأخوات والأزواج ولكن في غير
وقت احتفال الكفار بها …
إن الهدية التي تعبر عن المحبة أمر طيب ولكن أن ترتبط باحتفالات نصرانية
وعادات غربية فهذا أمر يؤدي إلى التأثر بثقافتهم وطريقة حياتهم .
وختمت ماجدة قولها إن بعض التجار يفرح بهذه المناسبة لأنها تنعش سوق الورد
وبطاقات المعايدة ، وإذا كان لا يجوز مشابهة الكفار في أعيادهم فكذلك لا
يجوز المعاونة في هذا الأمر ولا تشجيعه بأي شكل من الأشكال .
قالت نورة وهي تزيل الورود إنني محتاجة إلى مثل هذه الصحبة الطيبة التي
تدلني على الخير وتحبني في الله وأسأل الله أن يجعلنا ممن قال فيهم (( وجبت
محبتي للمتحابين فيَّ ، والمتزاورين فيَّ ، والمتباذلين فيَّ )) .
جعل الله حياتنا مليئة بالمحبة والمودة الصادقة التي تكون عوناً على دخول
جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ، وحفظ الله علينا شخصيتنا
الإسلامية العظيمة وأصلح أحوال المسلمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى
آله وصحيه وسلم